ب
تاريخ : 28.05.2014بتوقيت : 21:28:06 التعريف بالقرآن الكريم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،
ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيٌّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، ولاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّوَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
[سورة آل عمران، الأية 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُتَّقُوا رَبَّكٌمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ، وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللَهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[سورة النساء، آية 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اَّتَّقُوا اللَهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَهَ وَرَسولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)(71).
أما بعد:
بعث الله سبحانه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم نبياً إلى البشرية قبل
أكثرمن أربعة عشرَ قرناً، وأنزل عليه الكتاب الخاتم، وهو القرآن الكريم الذي
ما زال بين أظهرنا إلى الآن - ولله الحمد - كاملاً غير منقوص، بادئ ذي بدء لا بدَّلنا أن نعلم ما هو القرآن الكريم؟ فكلُّ شيءٍ له تعريف، فما هو القرآن الكريم؟
قال تعالى: (لاَ يَمَسَّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.
(القرآنُ الكريم: هو كلامُ الله تعالى، الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم باللفظ والمعنى بواسطة جبريل عليه السلام، المُتَعبَّدُ بتلاوته، المكتوبُ بين
دفّتي المصحف، المُتحَدَّى بأصغر سورة منه، المنقولُ إلينا بالتواتر).
قال أهل السنة:
كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو مكتوب في المصاحف،
محفوظ في الصدور، مقروء بالألسنة، مسموع بالآذان، فالإشتغال بالقرآن
من أفضل العبادات سواء أكان بتلاوته أو بتدبر معانيه فهو أساس الدين.
وقد أودع الله فيه علم كل شيء فإنه يتضمن الأحكام والشرائع والأمثال والحكم،
والمواعظ والتاريخ، ونظام الكون، فما ترك شيئا من أمور الدين إلا بينه، ولا من
نظام الكون إلا أوضحه، قال تعالى:
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[سورة:النحلل،الآية 89]
وقال عليه الصلاة والسلام:" إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم". قالوا:
وما المخرج يا رسول الله؟ قال:" كتاب الله تبارك وتعالى، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر
ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل الذي ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه
الله تعالى، ومن ابتغى الهدى في غيره أضل الله تعالى، فهو حبل الله المتين،
وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس
به الألسنة ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه".
أخرجه الترمذي
وفي رواية:"هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته أن قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)
[الجن:1].
من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن تمسك به هدي إلى
صراط مستقيم"
وروي الحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن هذا القرآن مأدبة الله فأقبلوا من مأدبته
ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله المتين والنور والشفاء الناجح، عصمة لمن
تمسك به ونجاة لمن أتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا يخلق من كثرة
الرد، أتلوه فإن الله يأجركم على تلاوة كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول:
ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
(هو كلام الله تعالى)، الذي أعجز البشرية جمعاء في فصاحة نظمه، وعدالة
حكمه، وصحة خبره، ولا يزال التحدي به قائما، ولا يزال عجز البشرية عن مواجهة
هذا التحدي قائما أيضا، ليظل القرآن حجة الله البالغة أمام خصومه ومعاريضه.(المُنزّلُ على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم)، أنزل الله سبحانه وتعالى
القرآن العظيم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليخرج الناس من الظلمات
إلى النور: (هُوَ الَّذي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)
[الحديد :9]
فكان نزوله حدثا جللا يؤذن بمكانته لذى أهل السماء وأهل الأرض، ومما لا خلاف
فيه أن العلم بنزول القرآن مهم للغاية لأنه أساس للإيمان به قال تعالى:
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبُّ العَالَمِينْ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينْ(193)
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذَرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ).(194)
[الشعراء:193-194].
فخرج من ذلك الكتب التي أنزلها الله، على غير محمد صلى الله عليه وسلم:
كالتوراة الذي أنزلها الله على سيدنا موسى، والإنجيل الذي أنزله الله على
سيدنا عيسى عليه السلام، والزبور الذي آتاه الله لسيدنا داود، والصُّحف التي
آتاها الله لسيدنا إبراهيم، قال تعالى:
(إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى * صُحُفِ إبرَأهِيمَ وَمُوسَى)
(الأعلى18-19).
(المُتعبَّدُ بتلاوته): أي المأمور بقراءته على وجه العبادة، وقد تم حفظ القرآن الكريم في الصدور، حيث كان صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحفظونه
ويتعبدون الله بتلاوته وترتيله غيبا... ومازال الناس يتلقون القرآن حفظا
دون انقطاع منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا.
(المكتوبُ بين دفّتي المصحف): المبدوء بالفاتحة والمختوم بسورة الناس ..
(المُتحَدَّى بأصغر سُورة منه): لأن الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى والرسل
يأتي واحد منهم وهو بشر مثلنا، فيقول: أنا رسول من عند الله، أمرني الله أن
أُبيّنَ لكم أوامرَه ونواهيَه، فنقول له: لعلّك لست صادقاً في هذه الدعوى، وما
الدليل على أنك مرسل من عند الله؟ لذلك كان الله سبحانه وتعالى يُرسِل مع كل
رسول معجزة تدل على أنه صادق، وأنه متكلِّم من الله سبحانه وتعالى، فكان
لكل نبيء معجزته التي دلت على صدق نبوته، وانقضت تلك المعجزة مع ذلك
النبي، إلا معجزة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي القرآن الكريم فإنها
باقية بيننا إلى هذه اللحظة بل وإلى قيام الساعة.
فمعجِزتُه صلى الله عليه وسلم ما زالت باقيةً بين أظهرنا نتحدى بها الدنيا،
ونقول: هذا دليل صِدق محمد صلى الله عليه وسلم، من كان منكم يريد الحقَّ
فلْيقرأ، فالذي يتّبِع الهوى لا يضرُّ إلا نفسه ولا يضر الله شيئا.
(المنقولُ إلينا بالتواتر): ومعنى التواتر هو نقل الجمع عن الجمع بحيث يستحيل
تواطئهم على الكذب ومن المُسلَّم به تاريخيا: أن أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم تلقوا القرآن مشافهة من فم رسول الله وحفظه أكثرهم، ونقلوه إلى
جيل التابعين، وهكذا بقي القرآن ينتقل من جيل إلى جيل آخر حتى وصلنا، وهذا
يجعلنا نجزم بأن القرآن نقل إلينا بالتواتر، نقلته جموع المسلمين عن جموعهم
إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بحيث قطع بصدق وضبط كل طبقة منهم
واستحالة اتّفاقهم على الكذب. لقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُون)
[الحجر: 9].